الخميس، 10 سبتمبر 2009

الفقر ليس السبب

الفقر ليس السبب
الرئيسي في عدم ارسال البعض لابنائهم وبناتهم إلى المدرسة وليس الاهمال
والتقصير نحوهم أيضا فما من شيء أحب للأب والام من أطفالهم. كثير من
الأسر لا تمتلك ما يكفي لشراء خبر كافي لاشباع أفرادها وتجد أطفالها من
التلامذة المتفوقين في المدرسة رغم الاحذية الممزقة والزي المدرسي الضيق
والمهترء لطول فترة استخدامه، ومن ناحية أخرى هناك أسر هي أحسن حالا من
السالف ذكرها ولكن أطفالها ومنهم من بلغ الحادية عشرة والثانية عشرة لم
يسبق لهم أن تعرفوا على شكل الفصل الدراسي والسبب الآباء مع انهم قادرين
على دفع الرسوم المدرسية والمستلزمات الاخرى كالزي والدفاتر إلى آخره
والتي قد لا يتجاوز ثمنها كحد اعلى ما يدفعه رب هذه الأسرة لشراء قات
لأسبوع واحد أو ما يدفعه لشراء هاتف محمول. أنا بهذا لا اضع اللوم فقط
على رب الأسرة وإن كنت اعتبره المسؤول الأول فهناك أيضا من المعلمين
الغير مؤهلين وما أكثرهم من ينفرون التلامذه من المدرسة من أول أيامهم
فيها وفي مراحل متقدمة أيضا وهناك أيضا المكاتب الحكومية الخاصة بإصدار
شهادات التسنين أو الميلاد والتي تتطلب من مرتادها اخذ دورة تدريبية في
كيفية تسيير المعاملة إذا لم يكن راغبا في دفع حق ابن هادي لواحد من
الموظفين ليجود عليه بمعلومات ويريه أي باب يطرق. ولكن هذه الأمور
المحبطة وغيرها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقف حائل امام اب يعرف
أهمية المدرسة لابنه، ولكن إذا كان الاب نفسه لم يعرف المدرسة وكذلك الأم
ويعيش منعزلا أو ضمن فئة من المجتمع قاموس لغتهم ليس فيه كلمات من قبيل
تعليم أو مدرسة فكيف سيتسنى له معرفة ما يصلح أو لا يصلح لأطفاله. البعض
من هذه الأسر ليس لها مقر اقامة وعمل مستقر والبعض يعيش في مناطق بعيدة
لا يوجد فيها مدرسة وهذا يوفر لهذه الأسر الكثير من الاعذار إذا ما سألها
أحد من قريب أو بعيد عن سبب تقصيرها في تعليم أبنائها. في الجانب الآخر
الأسر التي تعلم أبنائها تضع برامجها كلها لكي تتناسب مع برنامج أطفالها
المدرسي بدءا من مقر السكن والعمل وصولا إلى موعد الاجازة، ومن لايجدون
مدرسة قريبة ويستحيل عليهم الاقامة بالقرب من واحدة فلا يجدون سبيلا سوى
ايداع طفلهم عند أي قريب أو صديق رغم صعوبة فراقه، هذه هي الأسر الواعية
وليست مشكلتنا هنا. وبهذا يكون السبب الرئيسي في حرمان الأطفال من
التعلم هو جهل الآباء والامهات، وسيستمر هذا الجهل يولد جهل، فيوما سيكبر
أؤلائك الأطفال وبنفس أسلوب آبائهم سيحرمون ابنائهم من التعليم. لقد ساعد
برنامج الأمم المتحدة اليونيسف لتشجيع تعليم الفتاة في اليمن على زيادة
نسبة الفتيات الملتحقات بالمدارس، وفي عام واحد فقط زاد عدد الفتيات في
المدارس بنسبة 40%. تضمن هذا البرنامج مساعدة غذائية ممثلة بحصة من
الدقيق والزيت وغيره تقدم لكل أسرة في المناطق النائية ترسل طفلتها إلى
المدرسة، ولو أن نسبة من تلك المساعدات لم تذهب إلى جيوب حثالة ولصوص
وزارة التربية والتعليم لكان اثرها أكبر وأكثر استمرارية. وما لفت
انتباهي في هذه المسألة هو أن هذه المساعدات لم تقنع البعض ليس لأنهم
غير مقتنعين بإرسال الفتاة إلى المدرسة بل لأنهم يعتبرون ذلك غير ذو جدوى
اقتصادية مقارنتا بما قد تدره هذه الفتاة كل يوم من استجداء الناس حتى
بعد أن أصبح ارسال الفتاة إلى المدرسة ليس مكلفا ويدر دخلا للأسرة أكثر
من ما تنفقه الأسرة وخاصة الفقيرة على طفلتهم، وهذه كارثة.
في بعض المناطق الريفية في اليمن لم تعد هنالك أسرة واحد لا تبذل كل ما
في وسعها من أجل أن ترسل جميع أبنائها وبناتها إلى المدرسة وفي مناطق
أخرى ليست أكثر فقرا من سابقتها لايرى أهلها ضرورة لبذل الكثير من الجهد
في سبيل ذلك. وما من خلاص إلى بتثقيف الآباء قبل الأبناء، وتطور
المناطق الريفية النائية قبل المدن بالمدارس الحديثة والكوادر التعليمية
ذات الخبرة الطويلة والكفاءة لكي يتولو النظر إلى حال أولياء الأمور
إلى جانب التلاميذ.

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

حرب الصيف والجنوب ((الجزء الثاني))

قبل الثاني والعشرين من مايو 1990 كان الجنوب يحكمه الحزب الاشتراكي
ويعتمد النظام الاقتصادي الاشتراكي وكان نظام الحكم في الشمال شبه عسكري
وقبلي في آن واحد وكان نظامه الاقتصادي في مراحله الانتقالية الاولى من
النظام الاقتصادي البدائي إلى النظام الرأسمالي. في الجنوب كان هناك
الحزب الواحد ولم يكن في الشمال أحزاب وكانت شيء غير مقبول. تم اعتماد
التعددية الحزبية في اليمن الواحد. عدد سكان الجنوب تقريبا كان يناهز
الثلاثة ملايين والنصف والشمال كان السكان يناهز العشرة ملايين. تم
تقسيم اليمن إلى ثلاث مائة دائرة انتخابية ودائرة واحدة تبعا لعدد السكان
وكان عدد سكان كل دائرة انتخابية في المتوسط يبلغ أربعة وأربعين ألف
نسمة تقريبا وبهذا تقديريا يكون عدد الدوائر الانتخابية في الجنوب سبعون
دائرة أي أقل من 30% من اجمالي عدد الدوائر الانتخابية، وفي الشمال
مائتين وثلاثين دائرة انتخابية أي أكثر من 70% من اجمالي عدد الدوائر
الانتخابية.
خلال الحملة الانتخابة لانتخابات عام 1993 كل الأحزاب حاولت كسب حاولت
الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية في مجلس النواب. حزب
المؤتمر الشعبي العام دخل تلك الانتخابات بمرشحين أغلبهم من المشايخ في
الشمال، الحزب الاشتراكي اليمني اكتسح المناطق الجنوبية لشعبيته الكبيرة
هناك وكونه الأكثر الفة لدى الجنوبيين من غيره اما في الشمال فحظه كان
سيئ نتيجة للتعبئة المواطنين ضده من قبل حكومة الشطر الشمالي قبل الوحدة
والاحزاب والحركات الاسلامية التي ظهرت بعد الوحدة على رأسها حزب التجمع
اليمني للاصلاح حتى أصبحت صورة الاشتراكيين في نظر المواطنين في الشمال
مماثلة لصورة الملحدين. تمت الانتخابات وحصل المؤتمر الشعبي العام على
35% من المقاعد النيابية والتجمع اليمني للاصلاح حصل على 25% والحزب
الاشتراكي اليمني حصل على 20% تقريبا. هذه النتيجة كانت صعبة على الحزب
الاشتراكي ولم يتقبل تفوق الحزب الاسلامي الحديث العهد عليه بعد أن كان
حزبا يحكم الجنوب منفردا وبلا منازع. استنادا لنتائج تلك الانتخابات لم
يكن بمقدور أي من الأحزاب أن يشكل الحكومة بمفرده لعدم حصول أي من
الأحزاب على 151 مقعدا في مجلس النواب وهو النصاب القانوني الذي يتيح
للحزب تشكيل الحكومة وكان لا بد من أن يتحالف أكثر من حزب، تم الاتفاق
بين الثلاثة الأحزاب السالفة الذكر لتشكيل الحكومة والغريب في الأمر أن
من ترأس الحكومة هو الحزب الاشتراكي وهو الأقل تمثيلا في مجلس النواب من
بين الثلاثة، وتم ومن قبل مجلس النواب انتخاب الأمين العام للمؤتمر
الشعبي العام علي عبدالله صالح رئيس لمجلس رئاسة الجمهورية المكون من
خمسة أعضاء وانتخاب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض
نائبا للرئيس وانتخاب سالم صالح محمد إذا لم تخونني ذاكرتي وعبدالمجيد
الزنداني وشخص ثالث أعضاء لمجلس رئاسة الجمهورية.