الجمعة، 21 أغسطس 2009

حروب الشمال ((الجزء الثاني))

لن أوغل كثيرا في التاريخ فسوف يقتصر الحديث على التاريخ القريب والفترة
التي حكمت فيها اجراء من اليمن قبل أسرة آل حميد الدين. دولتهم كانت
تسمى بالمملكة المتوكلية اليمنية. هذه الأسرة كانت تنتمي إلى فئة معينة
من المجتمع هم الهاشميون أو من ينسبون أنفسهم إلى سلالة آل بيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم. والجميع بكل تأكيد يعرف الطريقة التي حكموا بها
فهم لم يكونو يؤمنو بالتحديث. كان المذهب الزيدي هو مذهب هذه الأسرة
والمذهب الابرز في معظم ارجاء دولتهم في تلك الفترة وتاريخيا في الفترات
التي سبقت أيضا. اما بالنسبة للهاشميين وهي الفئة التي تنسب إليها الأسرة
الحاكمة فقد كانت في الغالب تتمتع بمزايا لا يحق لغيرهم الحصول عليها
من قبيل التعليم، والى جانب ذلك هذه الفئة لم تكن تسمح لنساءها بالزواج
من غير الهاشمي وتسمح للرجال بالزواج من الغير ومازال الكثير منهم وحتى
يومنا هذا متمسك بهذا الأمر، كانت ملابسهم متميزة فالعمامة و الثومة
الاشبه بالجنبية كانت سائدة بينهم، وكانوا يعرفون أو تطلق عليهم التسمية
(السادة) ومازالت حتى اليوم ، وعندما كان الآخرين ينادوهم كان يتحتم
عليهم اضافة كلمة سيدي بكسر السين وتسكين الياء قبل النطق بأسم أحدهم و
الشريفة هو لقب النساء .
انطلقت ثورة 48 وبعدها ثورة 55 وشارك فيها شقيق الامام أحمد ثم ثورة 62
التي نجحت، تخلص الكثير من الهاشميون من عمائمهم خوفا مما قد يحدث لهم
إلى القليل ، الثورة بأهدافها الستة المعروفة لم تعطي لأي فئة ميزة على
أي فئة أخرى ، لكن الثورة لم تمحي إلى القليل من هذه الفوارق الطبقية
فمازالت هذا الفئة تحظى بتوقير المجتمع و كلمة السادة مازالت تطلق
عليهم ومازال منهم من لا يزوجون الآخرين ومنهم أيضا من يشعر بالاستياء
ويبدي عدم الرضا إذا لم تقل له ياسيدي وهذا الأمر يثير حفيظة المثقفين
من غير الهاشميين ، من هنا بدءا الصراع بين الجانبين وظهر المتشددين من
الجانبين .
في عهد الجمهورية لم يقصى أو يهمش الهاشميون فلم يحرموا من الوظائف
الحكومية أو من تقلد مناصب عليا في الدولة إلى ما ندر وغالبا تكون تصرفات
شخصية ، و لأن منهم من شارك في الثورة و بحكم انهم كانوا الطبقة التي
تحضى بتعليم الكتاتيب و منهم من كان يبتعث للتعلم في الخارج فقد كان
تواجدهم في مرافق الدولة أشد كثافة من غيرهم مقارنتا بعددهم القليل.
عودة للصراع بين الجانبين المتشدد من الجانب الآخر الذي يرفض استمرار
التمييز المجتمعي و يرفض كونه في درجة في المجتمع أقل من الهاشمي رأى
بأنه لا طائل من اقناع المجتمع بتغيير تفكيره لذا بدءا يسلك مسلك آخر
يستهدف المذهب الزيدي ليس لحجة ولكن لأنه مذهب الهاشميين فسخر جهده في
منبر المسجد و فصل المدرسة و قاعة المحاضرات والمجالس وغير ذلك من أجل
اضعاف المذهب الزيدي و استبداله و تسانده في ذلك بشكل مباشر أو غير
مباشر ظاهر أو مخفي ما يمكن أن يطلق عليه المد السني . اما بالنسبة
للهاشمي المتشدد فقد حز في قلبه رؤية مذهبه الزيدي ينحسر حتى أوشك أن
يكون محصورا في فئة الهاشميين فقط و أقل من ذلك. يفقد هذا الهاشمي
حكمته ثم تارة يتهجم على المنهج المدرسي و يتهمه بالباطل و الزيف و
تارة يستخدم المنابر التي استخدمها خصمه و أخرى يجمع المؤيدين و يحمل
السلاح و يقتل أفراد الجيش في صعدة معقل المذهب الزيدي و يسانده في ذلك
بشكل ظاهر أو مخفي مباشر أو غير مباشر ما يسمى بالمد الشيعي.

القادم ( دور السياسة و القبيلة و قوى أخرى في حرب صعدة )

ليست هناك تعليقات: