الأحد، 17 أبريل 2011

الجزيرة القناة من قطر الدولة

ظهرت قناة الجزيرة في الوقت الذي لم يكن في الوطن العربي اعلام تلفزيوني
مشابه يدعي الحيادية ويتبنى أو بالاحرى يتولى نقل الاخبار التي تحدث في
الشارع العربي والعالم من حوله على مدار الساعة وبشكل فاعل إلى المشاهد
العربي. ولم يكن هناك سوى تلفزيون هيئة اذاعة الشرق الأوسط أم بي سي الذي
لم تكن الاخبار هي جل اهتمامه ولم يعطيها القدر الكافي من الاهتمام إلى
في إطار خدمة اجندات معينة وكان هناك التلفزيونات الرسمية للدول العربية
والتي لم تركز اهتمامها إلى على شؤون بلدانها و مصالح حكوماتها بشكل
رئيسي. ولكن في نفس الوقت كان هناك اعلام أجنبي موجه إلى الوطن العربي ك
هيئة الاذاعة البريطانية وصوت أمريكا و دوتش ويلي إلى آخر ذلك وكان يقدم
خدمة اخبارية على شاكلة خدمة قناة الجزيرة ولكنه كان يقدمها للمستمع
العربي وليس للمشاهد لأنه كان اعلاما اذاعي يلتقط عبر الموجات الاذاعية
القصيرة غالبا وهذه الموجات لم تعد مرغوبة ولا مستخدمة بشكل واسع مؤخرا.
ومع تطور تكنولوجيا البث الفضائي الرقمي والثورة الرقمية التي أدت إلى
انخفاض كلفة البث، وفي ظل حالة التفتت والتشرذم الحاصلة في الوطن كونه
مقسم إلى أكثر من عشرين دويلة متباينة في الأنظمة وفي الاحجام والثروات
وغير متفقة في الرؤى و التوجهات، في ظل هذا التباين الذي أوجد حالة صراع
بين الأنظمة العربية وانعكس ذلك على اعلامها الرسمي الذي تتحكم فيه
الأنظمة والذي لم يظهر للمشاهد إلى محاسن الأنظمة ومارس التكتيم على
عيوبها أضف إلى ذلك ان الأنظمة لم تفتح اجواءها أو بالاحرى لم تتح المجال
لوجود اعلام تلفزيوني معارض أو خاص على أراضيها، وحينما فتحت بعض الدول
أراضيها للاعلام غير الحكومي لم تسمح إلى للاعلام التجاري الذي لا يتدخل
في السياسة أو للاعلام المعارض لدول عربية أخرى بالإضافة إلى سماح النظام
القطري في حالة فريدة من نوعها للاعلام الأجنبي المعادي بقناع عربي قطري
تحت مسمى "قناة الجزيرة." في ظل هذا الوضع الذي فيه لم يتمكن المشاهد
العربي إلى من مشاهدة وجهة نظر حكومته في قنواته المحلية الرسمية اما
الطرف المعارضين للحكومة فلا يمكن للمواطن معرفتها إلى من اعلام آخر من
خارج حدود دولته. في ظل هذا الوضع توجه المشاهد العربي إلى تبني فكرة
التلفزيون الفضائي كخيار رئيسي له واهمل ما تقدمه له دولته عبر البث
الأرضي كونه لا يفي بجزء بسيط من الغرض.

اتفق العرب في ما بينهم على وضع اقمار البث التلفزيونية في مدارين لا
ثالث لهما ولكنهم لم يتفقوا على رؤية اعلامية موحدة تخدم مصلحتهم
المشتركة.

ظهرت قناة الجزيرة في هذه الظروف من دولة قطر دولة ريعية صغيرة فاحشة
الثراء و دخول المواطنين فيها من ارفع الدخول في العالم ولكن في نفس
الوقت هذه الدولة تعاني من حكم فردي دكتاتوري ومن فقر مدقع في مجال
الحريات والمشاركة في صنع القرارات السياسية وليس لرعايا هذه الدولة من
خيار إلى ان يجعلوا أنفسهم نملا وياكلون ما طاب لهم من سكر والكلمة
الاولى والأخيرة هي للأمير ومن يسيره ولا اعتراض على ذلك، لذا لا تستطيع
المواطن القطري ان يعارض أو ان يحلم خلال نومه انه ينتقد الامير أو
النظام.
ولأن المواطن القطري لم يتم تدريبه على الكلام والحديث بلغة السياسة فمن
غير الممكن ان يعمل أحد منهم في القناة إلى في الجزء الخاص بنشرة الأحوال
الجوية لهذا فقد قامت ادارة قناة الجزيرة باستيراد عاملين آخرين لهم
اسنان والسنة ويجيدون الاحاديث السياسية من دول أخرى من قبيل مصر و لبنان
وغيرها للعمل في القناة.

وبدأت قناة الجزيرة عملها في سد الفجوة الإعلامية القائمة في العالم
العربي التي أحدثها الاعلام العربي الرسمي بشكل ناجح ولم تترك ادارة
القناة مجالا للتشكيك في أهدافها أو لفضح اجندتها التابعة لقوى خارجية
متآمرة تريد ترويض الساحة العربية لتتوافق مع مصالح المتآمرين واطماعهم.
فنقلت أخبار كل الأقطار إلى كل الأقطار بأسلوب مختلف عن ما كان معتاد
وأصبحت قناة الجزيرة هي سيدة القنوات والمصدر الموثوق للأخبار في العالم
العربي.
ومن أجل لفت الأنظار إليها وجذب الجماهير لمشاهدتها وبحكم انها قناة ليست
مسؤولة على أي كذبة تقترفها أو عن أي دمار أو فتنة تسببها بسبب التشرذم
العربي، قامت هذه القناة باثارة كل ما هو مثير وغريب وملفت للنظر وكانت
منبر من لا منبر له من الارهابيين والمتمردين على أوطانهم ثم خريجي
السجون أيضا من تم نفيهم من أوطانهم و المتآمرين إلى غير ذلك، وكانت
نتيجة ذلك العمل ان جعلت من الارهابي مجاهدا ومن المتمردين مصلحين ومن
الجناة مجني عليهم وصورت الحكام العرب على انهم العدو الأول والأخير
لشعوبهم وأنهم سبب كل الويلات في الوطن العربي، ويطول الحديث عن كل ما
أحدثته القناة في ترويض الوطن العربي ليتناسب مع مصالح الاعدا.
فكيف إذا اكتسبت هذه القناة شعبيتها الواسعة في الوطن العربي والثقة في
اوساط المجتمع إذا كانت تعمل لمصالح طرف متآمر.
كما هو معروف فإن موقع قناة الجزيرة هو دولة عربية دولة قطر وهي دولة
صغيرة لا تزيد مساحتها عن مساحة محافظة صعدة اليمنية وسكانها لا يربوا عن
المليون نسمة ولكنها غنية بثرواتها النفطية والغازية وتتمتع بحماية من
قبل الدول العظمى مما جعلها دولة مستقرة وآمنة ويطيب والعيش الرغيد فيها
بعيدا عن السياسة التي تتعب العقل، أضف إلى ذلك سمعة حكومتها الحسنة التي
تروجه لها المنظمات الدولية والدول الغربية مما جعل العرب يعتقدون انها
دولة ناجحة ويحتذى بها فكانت هي الموقع الانسب لزرع القناة فيها لأن
الواقع يقول انها دولة صغيرة ضعيفة متخلفة كسائر البلدان العربية وهي غير
قادرة على حماية نفسها كذلك فإن قرارها السياسي وادارتها في يد غيرها
ولأن الحريات السياسية فيها معدومة وذلك هو الذي جعل منها أداة وليست
دولة بالمعنى المصطلح، أداه في يد القوى المسيطرة فيد العالم تستخدمها
للنخر في اجساد الدول العربية الكبيرة التي تحاول التمرد عليها. ووجود
هذه القناة في هذه الدولة العربية يبعد الشكوك عن انها قناة غربية وتخدم
مصالح الطامعين في الأمة، وكما نعرف فإن العاملين في القناة ليسوا قطريين
ولأن خبرة الإنسان القطري لا تمكنه من العمل في القناة كمذيع في أقل
الأحوال، على ذلك فإن خبرت الأجيال القطرية الحالية بالتأكيد لن تمكنهم
من ادارة القناة. إذا فالادارة أجنبية غربية والغرب لديهم التاريخ الطويل
والخبرة الكافية لادارة مشروع إعلامي كهذا وقد نجحت ادارة القناة في
الوصول إلي قلب المشاهد العربي وتلمس اوجاعه من خلال انحيازها إلى جانب
القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وتركيزها على اوجاع المواطن
والأمه وذرف دموع التماسيح تضامنا معهم وغيرها من القضايا كذلك نجحت في
الوصول حتى إلى قلوب الاسلاميين المتطرفين بتخصيصها للساعات الطوال لنقل
تسجيلات زعما الإرهاب واظهارها على انها خطابات لزعماء الفضيلة كذلك دعوة
الرئيس الأمريكي جرج بش الابن إلى إغلاق القناة ورفض قطر لذلك زاد من
شعبية القناة وكان جرج بش باستغباء مفضوح يريد ان يوهم العرب أن قطر هي
مالكة القرار وانه عاجز عن إغلاق القناة الموجودة في محمية قطر التابعة
له فياللسخرية، والحديث طويل طويل عن سياستها في امالة القلوب إليها.
وسوف تستمر هذه السياسة تؤتي اكلها وتهيج الشارع العربي بما يتلاءم مع
أهداف المتآمرين وسيظل الشارع يحبها إلى من رحم دبي حتى يصحوا الاعلام
العربي الوطني من غفلته ويكون هو المنبر الأقرب للمواطن وليس البوق
للحكومات. ومن العجيب والمثير للسخرية أيضا ان هذه القناة نجحت بداية
ظهورها في الوصول إلى قلب أحد كبار الزعما العرب المخلصين وهو الرئيس
اليمني فكان من أكبر المعجبين بها والمادحين لها وكأنه يعيش في غابة
موحشة بعيدة لا يوجد فيها عاقل أو مستشار أو ناصح. فأصبح الرئيس اليمني
علي عبدالله صالح شريك أساسي في صنع جماهير قناة الجزيرة في اليمن
وداعما لها حيث انه لم يكن يقبل ان يجري حوارا إلى مع تلك القناة وكان
يكثر الثناء و الاطراء عليها وذات مرة قام بزيارة إلى مقر القناة خلال
زيارته لدولة قطر وابدى اعجابه بها وتم بث زيارته تلك من قبل قناة اليمن
الوطنية، قناة اليمن التي لم يسمح لإعلامييها بإجراء حوار مطول واحد معه
وهي القناة اليمنية الأصلية والتي يهمها مصلحة اليمن أولا وأخيرا.
وبعد ان انكشف قناع القناة للرئيس في أول عملية هجومية لها على اليمن
بهدف زعزعة أمنه تبين له فداحة ما اقترفه في حق شعبه بتشجيعه للذئاب
الجائعة وتركها تنهش في اجسادهم.
في الأحداث الأخيرة في اليمن لم يجد الرئيس من وسيلة لصد هجمات الجزيرة
سوى ان يوهم نفسه ان قطر هي صاحبة القناة ويطلب من أمير قطر لأن يكف اذى
الجزيرة عن اليمن ولكن الأمر ليس بيد أمير قطر والرئيس يعرف ذلك فسوف
يقول انها قناة حرة ومحايدة. أو ان يقوم الرئيس بالنفخ في رئات القنوات
اليمنية الرسمية ليعيدهم إلى الحياة مجددا وقد نجح نسبيا في ذلك. أضف إلى
ذلك انه من حسن حظ الرئيس سخر الله له قناة سهيل قناة الاخوان المشابهة
لصحيفة الصحوة سيئة السمعة والمعروفة لدى الشعب اليمني بكذبها سحرها الله
له لتشويه صورة من يسمون أنفسهم بالثوار فكان ذلك من حسن طالعة.
اما قناة الجزيرة، فحتى يعرف الشعب اليمني انها قناة أسوأ بمئات المرات
من الصحوة ومن سهيل، ستظل هذه القناة تساوي عشرات الجيوش بسبب ثقة الشعب
بها ولا يمكن ان تضحي هذه القناة بقوتها في اليمن وتفقد شعبيتها من أجل
الرئيس حتى ولو لم يكن اسقاط النظام الحالي في اليمن من ضمن اجندتها
فالمهم هو ان تحافظ على قوتها لإستخدامها وقت الحاجة فالشعب اليمني سيظل
هو الشعب والجزيرة ستظل هي الجزيرة ولن يزيل العلاقة الحميمة بينهما سوى
رفع يد الحكومة عن الاعلام الوطني رفعا كاملا ورفع الموازنة المخصصة له
لكي تتناسب مع الدور المهم الذي يقوم به وإذا ما أخطأ أو تعدى على
الحكومة أو على حق أي مواطن أو أي طرف فليكن القضاء هو الحكم بيننا
وبينه.

قال الرئيس في واحدة من خطاباته ان ما يجري في الساحة العربية اليوم وفي
اليمن خاصة هو حرب اعلامية. إذا كنت أيها الرئيس تظن ذلك فلماذا لم تتصدى
لهذه الحرب ولماذا لم تنفق على هذه الحرب كما تنفق على الجيش. هذه الحرب
تحتاج إلى تجهيز دفاع قوي يمتلك القدرة على الوصول إلى الحدث اينما كان
بسرعة وينقله كما هو إلى المواطن قبل ان يصل آلية أي طامع آخر لينقله
بعد ان يغربل الطيب منه ويعطي المواطن ما علق بين الثقوب.
نجحت المؤامرة على الشعب المصري وترك مبارك منصبه بعقلية ثورية متخلفة
قبل تسعة شهور من نهاية فترته حيث كان من المفترض ان يترك منصبه سلميا
وبطريقة حضارية منظمة تؤأسس لحقبة جديدة في العالم العربي تسمح للرؤساء
بترك مناصبهم دون ان يتم مجازاتهم على خدمتهم لأوطانهم بنفس ما جوزي به
سنمار فيكفوا عن تشبثهم بالسلطة. ولكن يبدو ان الاعداء لم يكلوا وما
يزال الشارع العربي أرضية خصبة لتنفيذ مؤآمراتهم. اما في ليبيا فإن ما
يحدث ليس إلى محاولة لتدمير القارة الإفريقية السمراء ومستقبلها.
كنت قد كتبت موضوع قبل عامين عن خطورة قناة الجزيرة بعنوان "خطاب الزعيم
" زعيم الإرهاب والذي اصدر توجيهاته من الحجر الذي يختبئ فيه عبر قناة
الجزيرة إلى كل من يتبعه حول العالم من مجرمين ودعوت إلى اقامة محكمة
عربية لمحاكمة المجرمين و مثيري الفتن. وهذا ما نحن في أمس الحاجة الية
اما بالنسبة لقناة الجزيرة اليوم ليست هي الجزيرة قبل عامين فلا ينفع
محاكمتها إنما اغلاقها أو تغيير ادارتها ونقلها إلى بلد ديمقراطي وحر مثل
الكويت أو البحرين أو لبنان ويتم تمويلها من كل الدول العربية.
في الوقت الحاضر يوجد العديد من القنوات الموجهة إلى الوطن العربي من
الغرب على رأسها البي بي سي و فرنسا 24 والحرة وهي تهدف إلى اخذ
الجماهير من الجزيرة والاستحواذ على عقول العرب في مرحلة جديدة من
المؤامرة لاكمال مهمة الجزيرة فهم يعرفون ان مرحلة الجزيرة ستنتهي قريبا
وسوف يحكم العرب السيطرة عليها في أول ثورة شعبية قطرية على نظام حكمه
ولذلك بداءو بسحب كل من أدرك حقيقة الجزيرة اليهم والى حياديتهم المزعومة
والهدف أوضح وهو تغريب الهوية العربية، ونجاح هذه المؤامرة مرهون
بالاعلام الوجه في المرحلة القادمة.

ليست هناك تعليقات: