السبت، 30 أبريل 2011

الحلم يستعصي على التحقق

حلم علي عبدالله صالح الأول.

في العالم العربي باستثناء لبنان وفي انظمته الجمهورية خاصة لم يسبق ان
تم تغيير الرجل الأول في الدولة بأسلوب سلمي أو ديمقراطي أو توافقي إلى
في حالة واحدة في جنوب اليمن سابقا، لكنها كانت مصاحبة لتوقيع اتفاقية
الوحدة بين شطري اليمن التي معها لا يمكن أن يكون هناك رئيسان لدولة
واحدة، فكان علي سالم البيض هو أول رئيس عربي يترك منصب الرئاسة سلميا
وإن حن اليه وحاول استعادة منصبه في 21 مايو 1994م إلى ان ذلك لا ينفي
انه ترك المنصب طواعية.
لكن في كل الحالات لا يترك الرئيس منصبه إلى بواحدة من الأساليب التالية
/الاغتيال أو الانقلابات بأنواعها المتعددة أو ان يتوفاه الله أو
الثورات الشعبية / والثورات الشعبية الحقيقية لا تحدث إلى نادرا وغالبا
ما يتم السطو عليها أو اجهاضها في وقت مبكر، ولا توجد ثورة شعبية حقيقية
في وقتها المعاصر إلى الثورة التونسية اما ما حدث في مصر ويحدث في ليبيا
واليمن وسوريا فما هي إلى مؤآمرات أو انقلابات. بكل ما لهذه المصطلحات من
معاني.

في شمال اليمن سابقا وفي العام 1978م شاء الله أن يكون علي عبدالله صالح
رئيس لشمال اليمن بعد ان تم اغتيال الرئيس الغشمي من اطراف لم يكن هدفها
الانقضاض على السلطة بل الاطاحة بالغشمي وحسب.
على عبدالله صالح تم انتخابه أو تم تنصيبه رئيس وكان يعرف أن منصب
الرئيس هو مكان خطير وفيه خطر على حياته. ومنذ أن أصبح رئيسا وهو يركز
كل اهتمامه على كيفية تحاشي خطر الانقلابات وتأمين المكان الذي أصبح فيه.
ولأنه لم يكن له أنشطة سياسية قبل ذلك وكان تاريخه ابيض في هذا الجانب،
لذلك لم يكن له أعداء من الأنظمة السابقة في شمال اليمن ولا من القوى
المدينة والقبلية الفاعلة في ذلك الوقت، كما انه أيضا لم يكن له أعداء من
دولة جنوب اليمن، فكانت الفرصة سانحة أمامه لكي يخلط كل الأوراق ويعيد
ترتيب النظام من جديد، فبالاضافة إلى دعوته إلى النهج الديمقراطي والعمل
على ترسيخ مبدأ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في اذهان الشعب، عمل
أيضا على محاولة التوفيق بين جميع اطياف الشعب فأعطى القبيلة حقها من
الدعم المعنوي والمادي كما شجع على قيام منظمات المجتمع المدني وتوج كل
ذلك بإنشاء المؤتمر الشعبي العام الذي ضم بين جنباته كل اليمنيين على
مختلف انتماءاتهم وجمعهم على وثيقة واحدة سميت بالميثاق الوطني ميثاق
المؤتمر الشعبي العام وكان ذلك الميثاق هو بمثابة الدستور للجمهورية
العربية اليمنية. ورغم ان القبيلة كان لها ذراع طولى في الحكم في شمال
اليمن إلى ان عجلة التنمية كانت تسير بشكل جيد وبدء شكل الدولة المدينة
تجد طريقها للنمو وان ببطء وأجريت أول انتخابات لممثلي الشعب في مجلس
سمي بمجلس الشورى. على اثر تلك الانتخابات حضيت الجمهورية العربية
اليمنية باحترام وتقدير عربي ودولي واسع اكسبها مكانة مرموقة مقارنتا
بدولة جنوب اليمن التي كانت تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية جمه على
الرغم من ان الجنوب ورث عن الاحتلال البريطاني واحد من أنجح المواني في
العالم كما ورث المدينة.
ورغم كل النجاحات التي حققها على عبدالله صالح في تلك الحقبة إلى أنه لم
ينسى هدفه الأول وهو تحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة فقام بتقديم
استقالته إلى المجلس الذي انتجته لأول مرة فقام المجلس بإعادة انتخابه.
وفي عام 1990م دخلت اليمن في حقبة جديدة. يمن أكبر ودستور جديد وعلم جديد
وأحزاب واوكلت مهمة رئاسة اليمن الموحد اليه للفترة الانتقالية. حدد
دستور الوحدة فترة رئيس الجمهورية بأربع سنوات لفترتين فقط. لكن بعد
الوحدة ظهر حزب الاصلاح وخلال الفترة الانتقالية جمع هذا الحزب انصاره
مستخدما منابر المساجد والاناشيد والأشرطة الدينية فكان الحزب الاشتراكي
اليمني هو مرمى سهام حزب الاصلاح حتى أصبح كل اشتراكي متهم بالاحاد
والخروج عن الملة في نظر أغلب الشعب في شمال اليمن وكان نتيجة ذلك ان
تقدم حزب الاصلاح على الاشتراكي في انتخابات 1993م.
الشعب اليمني كله مسلم والحزب الاشتراكي إن لم تكن سياسته المعلنة
إسلامية فإنها في قرارة أنفسهم إسلامية لأنهم لا يزالو مسلمين وآذتهم
كثيرا سياستهم ومبادئهم المعلنة. اما الاصلاحيين فسياستهم المعلنة هي
سياسة إسلامية، لكن في الواقع اسلامهم سياسي وهنالك فارق كبير بين
المعنيين. فالسياسة الاسلامية أو اسلمة السياسة هي من لب الدين الاسلامي.
اما الإسلام السياسي أو تسييس الإسلام لاستخدامه في اعراض سياسية فهو
أقرب للنفاق ان لم يكن نفاقا والاصلاحيين هم من يشترون بايات الله ثمنا
قليلا.
هذا الغبن الذي تعرض له الاشتراكيين من المقنعين نتج عنة حرب 94 حينما
حاول الاشتراكيين النفاذ بجلودهم وما تبقي لهم من كرامة إلى الجنوب، وإذا
ما رجعنا بذاكرتنا إلى الوراء في العاصمة الاردنية عمان حاول نائب الرئيس
البيض في كلمته التي ألقاها أثناء توقيع وثيقة العهد والاتفاق أن يثبت
للناس والشعب اليمني أنه مسلم بعد أن أشاع المقنعين عنه العكس.
بعد حرب الصيف تم تعديل الدستور لكن المادة التي تنص على تحديد فترة
الرئيس بأربع سنوات لفترتين لم تعدل. انتخب مجلس النواب على عبدالله
صالح رئيسا في العام 93 وفي 97 اعيد انتخابه لفترة ثانية نهائية غير
قابلة للتجديد.
وفي 99 وصل الغرور برئيس الجمهورية إلى ذروته، أمن مستتب، شعبية كبيرة،
وحدة راسخة، حنيش الجزيرة عادت بفضل حكمته، أعدائه في الخارج السنتهم
مخروسة طواعية بسبب ولاء الشعب في الجنوب له، عدة جامعات تمنحه شهادات
دكتوراه، اوسمة ونياشين تكالبت عليه من كل حدب وصوب، والأهم أن المقنعين
ساندوه ووضعوا أيديهم بيده من أجل أن يرتكب أول حماقة في تاريخ رئاسته.
تم تعديل الدستور، نظام رئاسي ورئيس منتخب من الشعب وتم تصفير العداد
وسيتم قبوله مرشحا لرئاسة الجمهورية في انتخابات رئاسية مباشرة لفترة خمس
سنوات قابلة للتجديد في عام 2004م وفي تعديل جديد أصبحت الخمس سبع سنوات
قابلة للتجديد في 2006م. وفي 2004م يرتكب الرئيس الخطأ الثاني، يحاول
فرض الدولة المدينة بالقوة. يستعرض قوة دولته في صعدة على المشاغب حسين
الحوثي الذي حاول الاستقلال بصعدة ماليا واداريا وهو الذي دائما ما يسكت
المشاغبين بالمال والتكريم والمناصب ها هو الآن في صعدة يغير اسلوبه
فينفق على اسكات الحوثي بالقوة اموالا أكثر وضحايا بالآلاف وفي النهاية
يفشل.
في 2006م خرجت السيطرة من يد الرئيس بعد ان بدأ النمو الاقتصادي بالتراجع
نتاجا لحرب صعدة والوضع الأمني يتدهور، ويزيل المقنعين جزء لابأس به من
اقنعتهم. فكان الوقت غير مناسبا في نظره لترك السلطة فقد أخافه تابوت
الأموات المسمى باللقاء المشترك. هذا الكيان الكرتوني الاجوف. فظن الرئيس
وقيادات حزبه انه لا يمكن للمؤتمر ان يفوز بالانتخابات الرئاسية إلى إذا
يدل هو كمرشح عن المؤتمر فكثف حملته الانتخابية وكأنه يواجه منافسا
حقيقيا، فجاءت نتائج الانتخابات واتضحت الحقيقة.
اقزام بكل دلالات الكلمة، خمسة أحزاب تحصد أقل من عشرين في المائة من
الأصوات وحزبه الوحيد يكتسح الساحة في الانتخابات المحلية والرئاسية، ومن
العبث ادعاء ان الانتخابات مزورة فإن من يقول ذلك فهو يتهم الشعب اليمني
كافة بأنه شعب غشاش ومزور وهذا هو المرض النفسي بعينه، فقد تم الفرز في
المراكز التي يناهز عددها السبعة آلاف.
بعد ظهور النتائج اتضح للرئيس انه كان يطعن في الميت والطعن في الميت
حرام كما يقال. قتل الرئيس الديمقراطية في اليمن في تلك الانتخابات
بإجهاره على المعارضة. لكنه معذور فلم يكن يعرف انها بتلك الركاكة
والضعف.
حاليا يواجه الرئيس صعوبة حقيقية في تحقيق حلمه الأول وهو نقل السلطة
سلميا. لكن مازال هنالك امل والأمل مرهون في الشباب الداعين إلى التغيير
وهم امل المستقبل ولكنهم بحاجة إلى قائد حكيم يقودهم فمتى ما عرفوا ان
المعارضة هي جزء من النظام وهي الجزء الفاسد من النظام وطالبوا بإسقاطها
وحضر احزابها من ممارسة السياسة لكي يفسحوا المجال لإنشاء أحزاب جديدة
عندها يتحقق الحلم وهو حلم كل اليمنيين في تغيير الرئيس سلميا. عندما
يتأكد الرئيس الحالي، أن الشعب لن يمكن الأقلية الحقراء في الاصلاح من
الحصول على السلطة، عندها سوف يطمئن ان حلمه سيتحقق وسوف يلملم أوراقه
ويغادر دار الرئاسة

ليست هناك تعليقات: